ادعمنا

النظرية النسوية - Feminist Theory

تعد النظرية النسوية من أحد المفاهيم المغلوطة الفهم لدى العديد من الناس حيث يعتقد الكثير بأنَّها تسعى لتعزيز دور الفتيات والنساء بشكل يطغى ويفوق دور الرجل وربما يهمش دور الرجل في ظل الوجود النسوي بل ويعتبر الكثير من الأفراد أنَّ النسويات هن الكارهات للرجال إلا أنَّ هذا الفهم خاطئ فالنظرية النسوية هي نظرية اجتماعية تعمل على توجيه الضوء نحو خبرات النساء وتجاربهن في النظريات الاجتماعية والعلوم الاجتماعية حيث أنَّ الكثير من النظريات في مختلف العلوم قامت في كثير من الأحيان بل وفي اغلبها على اراء ووجه نظر الفرد الذكوري. 

"إن القضية الأساسية التي اهتمت بها النظرية النسوية، بناءً على التعابير التي يفضلها المرء هي عدم مساوة المرأة بالرجل أو التبعية له أو هيمته عليها. إن جوهر ذلك كله هو مسألة عدم التماثل بين الجنسين. اعتبار النساء والأمور المرتبطة بهن على انهن شكل مختلف ومتدن ذو قيمة أقل من الرجال والأمور المرتبطة بهم . تدرس النظريات النسوية وتحاول أن تشرح الأسباب والظروف التي يكون فيها الرجال أكثر نفوذاً، ويُرى انتاج الرجال وأفكارهم ونشاطاتهم على انها ذات قيمة أكبر ووضع اعلى من تلك الخاصة بالنساء."

 

تعريف النظرية النسوية:

تعرف معجم أوكسفورد: ”أنها الاعتراف بأن للمرأة حقوق وفرص مساوية للرجل“ وذلك في مختلف مستويات الحياة العلمية والعملية على اعتبار اقصاء المرأة منها.   

أمَّا معجم ويبستر فيعرفها: ”النسوية هي النظرية التي تنادي بمساواة الجنسيين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتسعى كحركة سياسية إلى تحقيق حقوق المرأة واهتماماتها وإلى إزالة التمييز الجنسي الذي تعاني منه المرأة“ .

مفاهيم متعددة للنظرية النسوية : تم إيراد قراءات متعددة لمفهوم النظرية النسوية في كتاب واحد للكاتب ويندي كيه كولمار- Wendy k Colmar بعنوان النظرية النسوية، مقتطفات مختارة. ومنها تعريف الحركة النسوية على أنها حركة ذات تاريخ طويل. لها ثلاثة مواقف أساسية خلال 1400-1789:

1- موقف واع في معارضة الافتراء الذكوري وإساءة معاملة النساء ؛والمعرضة الجدلية لكره النساء.

2- الاعتقاد بأنَّ الجنسيين قد يتكونا ثقافيا وليس فقط بيولوجيا ؛ والاعتقاد بأن النساء كن فئة اجتماعية تشكلت لتناسب الأفكار الذكورية عن جنس ناقص.

3-وجهة نظر تسمو على أنظمة القيم المقبولة آنذاك عن طريق كشف الاجحاف والتضييق ومعارضتهما؛ والرغبة في مفهوم عام حقاً للإنسانية. ومفهوم آخر لها :" ربما تعرف على أنها حركة تسعى إلى إعادة تنظيم العالم على أساس المساواة بين الجنسين (ذكر/انثى) في جميع العلاقات الإنسانية ؛انها حركة ترفض كل تمييز بين الافراد على أساس الجنس. وتلغي جميع الامتيازات والأعباء الجنسية ، وتسعى جاهدة لإقامة اعتراف بالإنسانية المشتركة للمرأة والرجل باعتبارها أساس القانون والعرف ."

 

تاريخ النظرية النسوية: 

"يمكن التأريخ للحركة النسوية منذ مطلع القرن الثامن والتاسع عشر، حيث ظهرت حركة المطالبة بحق الاقتراع في المملكة المتحدة، ومن ثم انتقلت هذه الحركة إلى عدد من الدول الأوروبية، ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت الكتابات النسوية تأخذ اهتمام وتحليل العديد من البحاثيين السياسيين منذ منتصف القرن العشريين، حيث ظهرت العديد من الكتابات التي تعرض توجها فكريا مختلفا، وبدأت هذه الكتابات تأخذ شهرة واسعة وصدى على الصعيد الدولي مع نجاح المدرسة النسوية في طرح العديد من الرؤى والمفاهيم الجديدة. وبالرغم من مرور الحركة النسوية بالعديد من المراحل، إلا أن مصطلح المدرسة النسوية يشير في مجمله إلى “السرد الزمني للحركات والأيديولوجيات التي تهدف للمناداة بحقوق المرأة”،  وقد اختلفن النسويات حول نطاق وطبيعة هذه الحقوق، باختلاف الإطار الزمني والثقافي والجغرافي للطرح، ولكن معظم المؤرخات النسويات أجمعن على أن جميع الحركات التي تعمل على الحصول على حقوق المرأة ينبغي اعتبارها حركات نسوية، حتى إذا لم يطلقوا هذه التسمية على أنفسهم." 

 

دور المرأة في ظهور النظرية النسوية: 

بتتبع تاريخ ظهور النسوية واستمرار حركتها وبالتركيز على وجود المرأة والدور الذي لعبته المرأة في ظهور هذه النظرية سيلاحظ الدور الأكبر والابرز والأهم الذي لعبه دور وجود المرأة. حيث ظهرت النظريات النسوية لأول مرة في وقت مبكر من عام 1794 في منشورات مثل دفاعاً عن حقوق المرأة بواسطة ماري ولستونكرافت Mary Wollstonecraft - في خطاب بعد الاعتقال للتصويت الغير قانوني. وفي عام 1851 تناولت سوجورنر تروث- Sojourner Truth قضايا حقوق المرأة خلال منشورها "ألست امرأة". وهي ناشطة حقوقية امريكية/افريقية تناولت مسألة وجود حقوق محدودة للمرأة بسبب الإدراك الخاطئ من الرجال. جادلت تروث في أنه إذا أمكن للمرأة السوداء أن تؤدي المهام التي من المفترض أن تقتصر على الرجال، فإنه يمكن لأي امرأة من أي لون أن تؤدي نفس المهام. جاءت بعد سورنجر سوزان بي أنتوني- Susan B. Anthony وهي مصلحة اجتماعية أمريكية وناشطة في مجال حقوق المرأة والتي تم القبض عليها للتصويت الغير شرعي فقامت بإلقاء خطابا داخل المحكمة التي تناولت قضايا اللغة في الدستور وهي موثقة في منشور "خطاب بعد الاعتقال للتصويت الغير قانونى" في عام 1872. شككت أنتوني في مبادئ الدستور. طرحت سؤال لماذا المرأة معرضة للمعاقبة بالقانون ولكن لا يمكنها استخدام القانون لحماية نفسها (النساء لا يمكنهم التصويت). كما انتقدت أيضا اللغة الذكورية في الدستور وقالت لماذا يجب على النساء أن تلتزم بالقوانين التي لا تخدم النساء.

جاءت بعدها نانسي كوت-Nancy F Cott وهي مؤرخة أمريكية قامت بالتفريق بين الحركة النسائية الحديثة والقديمة، وخاصة النضال من أجل حق التصويت. وضعت نقطه التحول في الولايات المتحدة في العقود ما قبل وبعد أن حصلت المرأة على حق التصويت 1920 (1910-1930). في حين أنه خلال هذه الفترة (20 عاما) تحولت اهتماماتها في المقام الأول إلى التفرقة المجتمعية، الوعي الفردي والتنوع. قضايا جديدة تتعامل أكثر مع حالة المرأة. سياسيا هذا يمثل تحولا مريحا في العقائد. ويلاحظ بذلك أن تاريخ النسوية بدأ على ايدي نساء مثلن المحرك الرئيسي والأساسي لاستمرار النسوية أمام المعرقلات الذكورية والمجتمعية . 

 

أهمية النسوية لكل من النساء والرجال: 

يرى أوزور دارلينجتون - Uzor Darlington Ike في نقاش له على موقع empowerwomen أن أهمية النسوية هي في كسر شعور الرجال بأنهم ينتمون لطبقة اجتماعية اعلى من النساء وفي مخاوفهم في أن تكتسب المرأة موطئ قدم أكبر من الرجل في المجتمع. تساهم النسوية في أن يعي الرجال بأنهم لن يفقدوا حقوقهم إذا ما اكتسبت النساء المزيد من حقوقهن بل يتيح ذلك لهم التعامل معهن أكثر. تعتمد أهمية النسوية على حقيقة بسيطة وهي أن المساواة لا تشكل خطراً وأن المجتمعات لطالما وضعت الرجل موضع القوة والهدف الكامل للنسوية هي أن تصل إلى نفس ذات المستوى وهذا لن يتسبب في نزولهم عن ذاك المستوى ولا يشكل خطراً عليهم .

 

طبيعة النظرية النسوية: 

طُرح سؤال في مقال بعنوان " اتجاهات فكرية في النظرية النسوية " يتحدث عن طبيعة النظرية النسوية ما إذا كانت منهج بحثي أو اتجاه أيديولوجي أم نظرية علمية أم حركة اجتماعية. وبتتبع تاريخ النظرية النسوية أمكن التمييز بين اتجاهات ثلاث أساسية للنظرية النسوية: 

١- اتجاه النسوية الليبرالية (الفردية) Liberal/Individual Feminism: 

يُعد هذا الاتجاه أقدم اتجاهات النظرية النسوية تاريخياً ويرتكز على المعتقدات التي جاء بها عصر التنوير وبالإيمان بالعقلانية وبأن جميع الناس خلقوا متساويين وما دام أن الرجال والنساء متماثلان من حيث طبيعة الوجود فلا بد لهذا التماثل أن يمتد ليشمل التماثل بالحقوق كذلك . حقق هذا الاتجاه تطوراً ملموساً في نطاق الحقوق المدنية والسياسية خلال القرن التاسع حيث أن المناداة بالحقوق المدنية والسياسية للمرأة يمثل الهدف الأساسي للاتجاه الليبرالي للنظرية النسوية. 

٢- الاتجاه النسوي الماركسي: Socialist Feminism

هذه النظرية النسوية الاشتراكية لم تتناقض مع النظرية السابقة ولكنها اعترضت على مفاهيم القيمة والمكانة وركزت على الاطار الأكبر الذي يعيش بداخله الرجال والنساء معاً . اعتبرت بأن الفساد يأتي من النظام المجتمعي ككل الذي يعيش في ظل صراعات وتناقضات برجوازية . وفي منظومة الزواج البرجوازي داخل هذا المجتمع مثلت المرأة الطبقة المضطهدة أو العبيد ومثلت السلطة الأبوية طبقة الملاك وأصحاب الأعمال ووفي ظل هذا النظام الاستغلالي فإن كل من الرجل والمرأة مضطهدون فكيف للنظرية النسوية أن تُطالب بالمساواة مع الرجال وهم جماعة مضطهدة ؟ ركزت هذه النظرية على التناقضات الطبقية بشكل أساسي وسلمت بأن الحل الأمثل يكمن في نجاح الثورات الاشتراكية والقضاء على النظام الطبقي فالنظرية النسوية تسير بمحاذاة الثورات الاشتراكية والنظام الاشتراكي في المجتمع. 

٣- الاتجاه النسوي الراديكالي Radical Feminism:

هذا الاتجاه لا يطالب بالمساواة فقط بل يرى بأن المرأة تسمو على الرجل وتطالب بإذعان الرجل للمرأة قد يصل حد استعباد الرجال. جاءت هذه الحركة كحركة مضادة لمناهضة السلطة الابوية ونتيجة لذلك فقد تولد في نطاق هذا الاتجاه اتجاهيين أخريين فكريين:

- الاتجاه الأول يرى بأن السبب في ضعف واضطهاد المرأة ناتج عن السلطة الأبوية الذي يجعلها مختصة بولادة الأطفال والعناية بالأسرة والمنزل وما دانت مستمرة في أداء هذه المهام فستستمر تبعيتها للرجل وضعف دورها المجتمعي ولخص هذا الاتجاه أن الحل الأمثل هو توقفها عن أداء هذه المهام واستغلال الثورة التكنولوجية الحديثة التي جاءت بالأرحام الصناعية وفصل ولادة الطفل عن جسم المرأة أو من خلال تجنب الاتصال الجنسي مع الرجل . 

- أما الاتجاه الثاني في النظرية النسوية الراديكالية فقد اتخذ من مقولة سيمون دى بفوار-Simone de Beauvoir "إن المرأة لا تولد امرأة، بل تصبح امرأة" . فقد اعتبر ان العيب لا يكمن في التكوين البيولوجي للمرأة بل العيب يكمن في السلطة الابوية والتقاليد المجتمعية التي ترى بأن كل ما انثوي بانه متدن فعملية التلقيح مثلاً تفوق عملية الحمل وحتى الأعضاء التناسلية الذكرية تفوق الانثوية وهذا يجعل المرأة كائناً متدنياً في وجود الرجل.

في خلاصة الأمر تعد النظرية النسوية مساحة واسعة وممتدة للنقاشات ولاستمرار البحاثيين في البحث عن زواياها المختلفة وفي تحليل طبيعتها ومع استمرار ذلك سيستمر ادخال اتجاهات فكرية جديدة تحلل النظرية النسوية خصوصا مع انتشارها في الآونة الحديثة ودخولها للمجتمعات العربية والإسلامية وظهور النسويات بشكل واضح في وسائل التواصل الاجتماعي الذي منح النظرية النسوية منصة انطلاق أوسع في الوصول للنساء وفي مواجهة المجتمعات وفي توجيه رسائلهن وكذلك في كشف الصعوبات والانتهاكات التي تمارس بحق النسويات من قبل المجتمعات الرافضة لها . 

 

 

المصادر والمراجع:

ويندي كيه.كولمار، فرانسيس بارتكوفيسكس، النظرية النسوية مقتطفات مختارة، ترجمة عماد إبراهيم، الأهلية للنشر والتوزيع ، الطبعة العربية الاولى،2010،المملكة الأردنية الهاشمية.

الموسوعة الجزائرية، النظرية النسوية في العلاقات الدولية، 17 أغسطس 2019 ، تاريخ اخر دخول : 14 فبراير2022 الساعة : 2:20 م 

مساواة ،مركز دراسات المرأة ، قراءة في المدرسة النسوية وتياراتها، بدون تاريخ، تاريخ اخر دخول 14 فبراير2022 الساعة: 2:40  

ويكيبديا الموسوعة الحرة، النظرية النسوية ، تاريخ اخر تعديل للصفحة 31يوليو2021 ، الساعة:5:06 ، تاريخ اخر دخول 15 فبراير 2022 الساعة 5:01م

د. رانيا كمال ، اتجاهات فكرية في النظرية النسوية ، عود الند(مجلة ثقافية فصلية ) ،العدد 08/2013، 25 يوليو2013، د. علي الهواري .

Uzer Darlington Ike, The importance of feminism for men and women, Empowerwomen ,23November 2016 

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia